تحول لافت شهده مسار الحارس السعودي نواف العقيدي، من لاعب مستبعد ومثير للجدل إلى بطل قومي قاد المنتخب السعودي إلى التأهل لكأس العالم 2026، بعد تألقه اللافت في المواجهة الحاسمة أمام العراق ضمن الملحق الآسيوي المؤهل للمونديال.
ففي لحظة وصفها كثيرون بـ"المنقذة للتاريخ"، أنقذ العقيدي مرمى الأخضر من هدف محقق كاد أن يُقصي السعودية من التصفيات، ليؤكد بذلك أنه لم يكن مجرد بديل أو خيار طارئ، بل حجر أساس في منظومة الانتصار والتأهل.
نواف العقيدي، صاحب الـ25 عامًا، لم يظهر فجأة على الساحة. بل إن تألقه كان نتيجة عمل متواصل وموهبة استثنائية بدأت تبرز في بطولة كأس آسيا تحت 23 عامًا في أوزبكستان 2022، حيث اختير أفضل حارس في البطولة، وكان أحد أعمدة المنتخب الذي توج باللقب القاري.
ذلك الأداء الرائع دفع الجماهير والإعلام للمطالبة بمنحه فرصة في حراسة مرمى النصر، خاصة في ظل معاناة الفريق في هذا المركز آنذاك.
رغم الإشادات، اصطدم العقيدي بقرار مفاجئ من المدير الفني للمنتخب السعودي روبرتو مانشيني، الذي استبعده من قائمة كأس آسيا 2023 قبل أيام من انطلاقها، في خطوة أثارت الكثير من الجدل.
ما زاد من تعقيد الأمور هو قرار إيقاف العقيدي 5 أشهر من قبل اتحاد الكرة، بسبب ما قيل إنه رفض للانضمام كحارس بديل واشتراطه المشاركة أساسياً. هذا الإيقاف فجر أزمة كبيرة داخل الوسط الرياضي السعودي، وسط غموض بشأن مدى سريان القرار على مشاركته القارية مع النصر، قبل أن تؤكد الجهات المعنية قانونية مشاركته في دوري أبطال آسيا.
بعد فترة الإيقاف، أعير العقيدي إلى نادي الفتح، حيث قدم مستويات مميزة، ولفت الأنظار مجددًا، خصوصًا في مواجهة الهلال، والتي شهدت احتفالًا مثيرًا للجدل من العقيدي أمام جماهير الزعيم، ليعود سريعًا ويقدم اعتذاره عن طريقة الاحتفال.
مع انطلاقة الموسم الجديد، حصل العقيدي على دعم من مدرب النصر لويس كاسترو، الذي وعد بإشراكه في مباريات دوري روشن السعودي، رغم وجود الحارس البرازيلي نواف بينتو.
كما تعرض العقيدي قبل مواجهة العراق لانتقادات لاذعة من الإعلامي وليد الفراج، وذلك على خلفية رفضه الظهور في برنامجه عقب لقاء إندونيسيا، مما زاد الضغوط عليه قبل المباراة المصيرية.
لكن العقيدي رد على جميع الانتقادات داخل الملعب، حيث تألق في مباراة العراق وقدّم أداءً بطوليًا، كان أحد أبرز أسباب عبور المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم 2026. ليفرض نفسه كأحد أفضل حراس القارة حاليًا، ويثبت أنه استحق أن يكون الحارس الأول للمنتخب السعودي.
نواف العقيدي لم يعد مجرد اسم في قائمة المنتخب، بل أصبح رمزًا للعزيمة والتحدي، ولاعبًا تجاوز محطات صعبة، من الاستبعاد والانتقادات إلى لحظة المجد والتألق العالمي. ويبدو أن هذه اللحظة ليست النهاية، بل بداية لمسيرة أكثر إشراقًا لحارس مرمى يمتلك كل المقومات ليكون أسطورة قادمة في الكرة السعودية.